لم يكن مستغرباً على الشارع الفنزويلي إنتهاء كوبا أميركا على لقاء الغريمين الأزليين، وذلك مع كامل الإحترام للمنتخبات الأخرى، التي قدّمت مستويات طيبة، ومن أهمّها الأوروغواي، والمكسيك، فقد قدّم الأرجنتين والبرازيل دروساً وعبر، لقّنت لكل من يريد التّقدم في كرة القدم.
التانغو الأرجنتيني، قدم مستواً مذهل، فمنذ زمن لم نشاهد منتخباً أرجنتيني بهذه اللُحمة القوية، وهذا الأداء المتّزن، والمرعب؛ حيث أن الأرجنتين تفوز بنتائج كبيرة, لم تقل عن ثلاثة أهداف!، إلا بمباراة تحصيل الحاصل أمام الباراغواي, والتي إنتهت بهدف مقابل لا شيء، ليس هذا هو المهم، فالفريق مزيج بين خبرة الكبار, وعنفوان الشباب، ومدجج بكتيبة ضخمة من النجوم، كان البديهي وصوله للقمة، وليس المهم الوصول للقمة، المهم المحافظة عليها، والصراع بشتّى الوسائل لإبقاء سمعة الفريق بأعلى المراتب، لا تشوبها شائبه، وأمام مرئى العالم أجمع، شاهدنا قضاء التانغو، على المسلسل المكسيكي الطويل، ليثبتوا أن الأرجنتين تبقى الأرجنتين دون النظر إلى
النظير أيّاً كان.
ولا تقل عن التانغو السامبا بشيء؛ حيث أنهم أروا العالم بأسره، كيف يكون القتال من أجل شرف الوطن، وقدّموا للعالم روحاً قوية تحطّم الصخور، وباتوا مثالاً يحتذى به في العودة من الخلف للإنطلاق للأمام، وكل هذا كان بفريق ومدرب شابين، في البداية انتكست السّامبا بوجه أبناء المكسيك، والكل أجزم أن هؤلاء أشباه برازيل، لا البرازيل نفسها، لم تثنِ هذه الإنتكاسة عزم البرازيليين، وقرروا أن يعيدوا هيبتهم من جديد، وما لبث الأمر طويلاً، حتى عادوا ليجندلوا المنتخبات, وآخر صريع كان الأوروغواي العريقة.
الإعلام كالعادة، حاضرٌ وبقوة، حتّى قبل إنطلاق النهائي بأيام، والإعلام يقوم بمطاردة النجوم، لكي
يقتنصوا زلّة لسان أحدهم، لتزيد العود إحراقاً، ولكن بيليه ودونغا، تفطّنا للأمر، ولم يسمحا لأي
شخصٍ أن يفسد أجواء الهدوء السائدة، وصرّحا بروحٍ عالية: بأن الأرجنتين تملك الأفضلية نظراً
للكم المميز من النجوم المرصّع بها، أما ميليتو مدافع المنتخب الأرجنتيني, فقد قام بتهميش روبينيو قائلاً : " لا توجد أي خطّة لفرض رقابة مشددة على روبينيو"، روبينيو وبردٍ متحدٍ لكل من قال: أن الأفضليه أرجنتينيه بقوله: " لا يمكن تفضيل أحد المنتخبان على الآخر ".
تبقى المنافسة مفتوحة على مصراعيها، ولا يوجدُ أي مسوّغٍ يؤهّلنا لترشيح منتخبٍ على آخر بقوّة، ربّما تكون الأرجنتين قويّةً من حيث الإمكانيات، والروح، ولكن البرازيل تملك لاعبين مميزين، وتملك روحاً تقول كلمتها عندما يكثر الكلام حول السامبا، لكلّ منتخبٍ طموحه، ولكل مشجّعٍ رغبته ومحفّزاته، لكن المهم أن القدر جمعنا لمشاهدةِ قمّة القمم الكروية ، في مباراةٍ -الأكيد - ستبقى خالدةً في أذهان كلّ من سيشاهدها.